مبادرة رائدة للصحة النفسية: اليونسكو تمكّن الصحفيين العراقيين من مواجهة صدمات المهنة
أطلقت منظمة اليونسكو دورة تدريبية رائدة في السليمانية بالعراق اليوم الخميس. يأتي هذا التدريب ضمن مشروع “حماية الصحفيين حماية للديمقراطية: الاستجابة للحالات الطارئة للصحفيين” بتمويل من الولايات المتحدة الأمريكية.
تميز البرنامج بكونه الأول من نوعه في مجال الدعم النفسي للصحفيين. وبناءً على ذلك، تستهدف المبادرة تطوير قدرات الإعلاميين على التعامل مع ضغوط المهنة وتحدياتها النفسية.
شارك في التدريب أكثر من 30 صحفياً وصحفية من مختلف المنصات الإعلامية. ونتيجة لذلك، تلقى المشاركون تدريبات عملية ونظرية مكثفة على مدار ثلاثة أيام.
علاوة على ذلك، ركزت الدورة على موضوعات المساعدة النفسية-الاجتماعية (Psychosocial Support) وأساليب الضبط الذاتي (Self-Regulation). كما تناولت أيضاً طرق التشخيص الذاتي للحالة النفسية (Self-Assessment of Mental Health) والتعامل مع الصدمات المهنية.
بالإضافة إلى ذلك، اعتمد البرنامج على مناهج عالمية متطورة في علم النفس الإيجابي (Positive Psychology). وفي الوقت نفسه، قدم التدريب أدوات عملية للتعامل مع الصدمة (Trauma-Informed Care) وإدارة الضغوط النفسية (Stress Management) اليومية.
من أبرز عناصر البرنامج استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل المشاعر. وبالتالي، أتاحت هذه الأدوات تشخيص مؤشرات الاحتراق الذهني (Burnout)، القلق، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). كما اختبر المشاركون تطبيقات حديثة طورت خصيصاً للصحفيين، تمكنهم من بناء خطط للتعافي الذاتي (Self-Care Plans).
إضافة إلى ذلك، تجاوز التدريب المحاضرات التقليدية ليشكل تجربة إنسانية عميقة. ومن ثم، شارك الصحفيون قصصهم الشخصية من خلال حلقات الدعم النفسي الجماعي (Peer Support Circles) في بيئة آمنة، حيث تبادلوا آليات المواجهة (Coping Mechanisms).
وفي هذا السياق، لخص ضياء ثابت، مسؤول البرنامج في اليونسكو، فلسفة التدريب قائلاً: “حماية الصحفيين تبدأ من الداخل”. كما أكد أن حماية حرية التعبير لا تكتمل من دون تمكين الصحفي من امتلاك أدوات الحماية الذاتية، نفسياً واجتماعياً.
وأضاف ثابت أيضاً: “الصحفي ليس آلة لإنتاج الأخبار، بل كائن بشري حساس يتفاعل مع الألم والصدمة والخطر بشكل يومي”.
بصفة عامة، يمثل هذا التدريب خطوة أولى لإدماج الرعاية النفسية-الاجتماعية كحق أساسي للصحفيين في المؤسسات الإعلامية العراقية. وفي الواقع، يولي البرنامج اهتماماً خاصاً بالصحفيات اللواتي يتحملن عبئاً مزدوجاً في بيئة عمل لا تزال ذكورية في كثير من مفاصلها.
وفي نهاية المطاف، دعت اليونسكو في ختام التدريب إلى تبني سياسات مؤسساتية للرعاية النفسية. وبشكل خاص، شددت على ضرورة توفير خدمات الإرشاد النفسي الوقائي (Preventive Mental Health Counseling) والتوعية بأهمية مرونة التعامل مع الصدمات (Trauma Resilience).
وختاماً، تأتي هذه المبادرة في وقت تتزايد فيه التهديدات ضد الصحفيين نفسياً وجسدياً. وبناءً عليه، تؤكد اليونسكو أن حماية الصحفيين ليست خياراً، بل مسؤولية جماعية تبدأ من احترام إنسانيتهم.
على وجه الخصوص، الهدف النهائي هو ضمان وجود صحفيين أصحاء نفسياً وجسدياً قادرين على نقل الحقيقة. وأخيراً، تشدد المبادرة على أنه لا ديمقراطية بلا صحافة حرة، ولا صحافة حرة من دون صحفي سليم النفس والجسد، قادر على أن ينقل الحقيقة لا محطّماً، بل واثقاً، واعياً، وقادراً على الصمود.