رحيل نجم العلم: الأحساء تودع العلامة الشيخ جواد الدندن بعد مسيرة إثراء علمي

في يوم حزين للأوساط العلمية، ودعت الأحساء يوم الإثنين الأول من شهر شوال 1446هـ أحد أبرز علمائها. رحل العلامة الشيخ جواد بن الشيخ علي الدندن تاركاً خلفه تراثاً علمياً غنياً وإرثاً دعوياً حافلاً.
وعلى إثر هذا الحدث المؤلم، عبرت الأوساط العلمية والدينية في الأحساء عن حزنها العميق لفقدان هذه القامة العلمية. وبالإضافة إلى ذلك، أشاد المعزون من علماء الدين والشخصيات الاجتماعية بجهود الشيخ الدندن في خدمة العلوم الشرعية ونشر المعرفة.
وفي سياق متصل، أكد طلاب العلم ومحبو الفقيد أن الراحل كان نموذجاً مثالياً للعالم المتفاني. ومما يجدر ذكره أن الشيخ الدندن تميز بتكريس حياته لخدمة مجتمعه وتعليم الأجيال المتعاقبة من طلاب العلم.
نشأته وبدايات مسيرة إثراء علمي
ومن الجدير بالذكر أن الشيخ جواد ولد عام 1369هـ الموافق 1949م في الأحساء شرقي السعودية. ونتيجة لذلك، نشأ في كنف أسرة علمية معروفة بالعلم والفضل. وفي بداية مشواره العلمي، تلقى تعليمه الأول في مدرسة السيد ياسين الموسوي المشهورة آنذاك.
وعلاوة على ذلك، درس الراحل في بداية مسيرته على يد والده وأخيه الشيخ علي الدندن. وبناءً على ذلك، بدأ مسيرة إثراء علمي متميزة في الأحساء. ومن ثم واصل دراسته الحوزوية في مسقط رأسه قبل أن ينتقل إلى النجف الأشرف.
دراسته في النجف الأشرف وتتلمذه على يد كبار العلماء
وبهدف استكمال مسيرته العلمية المتميزة، سافر الشيخ جواد إلى النجف الأشرف. وخلال إقامته هناك، تتلمذ على أيدي كبار العلماء والفقهاء. وبشكل خاص، درس المقدمات والسطوح عند عدد من العلماء البارزين.
ونظراً لتميزه العلمي، تلقى علومه على يد السيد أحمد الطاهر والشيخ بشير النجفي والشيخ محمد علي الغروي. وفي الوقت نفسه، حضر بعدها دروس البحث الخارج عند أعلام الحوزة العلمية في النجف. وتحديداً، تتلمذ على يد الشهيد السيد محمد باقر الصدر والسيد أبو القاسم الخوئي والسيد عبدالصاحب الحكيم.
ونتيجة لجهوده المتواصلة، توجت مسيرة الشيخ الدندن العلمية بنيل شهادة الاجتهاد الشفهية. وكنتيجة لتميزه، منحه هذه الشهادة المرموقة الشيخ الميرزا علي الغروي تقديراً لمستواه العلمي الرفيع.
عودته إلى الأحساء وخدمته للمجتمع
وبسبب الأوضاع السياسية في العراق، عاد الشيخ جواد إلى الأحساء عام 1402هـ. وفور عودته، بدأ دوره الفعال في خدمة مجتمعه عبر عدة أنشطة. وبالتالي، تولى إمامة الجماعة وتدريس العلوم الدينية وإرشاد الحجاج.
وعلى الرغم من التحديات، واصل الراحل تدريس البحث الخارج لأكثر من 15 عاماً في الحوزة العلمية بالأحساء. ونتيجة لذلك، ترك أثراً علمياً واضحاً سيظل حاضراً في قلوب وعقول طلابه ومحبيه.
إرثه العلمي وأثره في الأجيال
وبصفة عامة، تميزت حياة الشيخ الدندن بالعطاء المستمر والإخلاص في خدمة العلم. وبالفعل، كان قدوة للعلماء العاملين المخلصين في أداء رسالتهم. وبالإضافة إلى ذلك، ساهم في تخريج أجيال من طلاب العلم الذين يحملون الآن مشعل المعرفة.
وفضلاً عن ذلك، كان الشيخ جواد معروفاً بحرصه على نشر العلوم الشرعية الأصيلة. ولذلك، حظي باحترام كبير بين أقرانه وطلابه على حد سواء. وبطبيعة الحال، سيبقى اسمه محفوراً في تاريخ الحركة العلمية في الأحساء.
رحم الله العلامة الشيخ جواد الدندن وأسكنه فسيح جناته. وفي الختام، ألهم الله أهله وطلابه ومحبيه جميل الصبر والسلوان. ومن المؤكد أن علمه وفكره سيبقى نبراساً ينير درب طالبي العلم والمعرفة.
لقد كان رحيله خسارة كبيرة للأوساط العلمية، غير أن إرثه العلمي سيستمر في التأثير على الأجيال القادمة. وعلى وجه الخصوص، ستظل دروسه وتوجيهاته حاضرة في أذهان تلامذته. وعلى الرغم من غيابه الجسدي، فإن أفكاره وعلمه سيبقيان حاضرين بين ظهرانينا.