استراتيجية حكومية لتعزيز التكامل الاقتصادي وزيادة جاذبية السوق للاستثمارات
في إطار سعي الحكومة العراقية لتحقيق إصلاحات اقتصادية شاملة، أفاد مجلس شؤون المنافسة ومنع الاحتكار، التابع لمجلس الوزراء، عن وضع خطة استراتيجية طموحة تتماشى مع أولويات البرنامج الحكومي. تهدف هذه الخطة إلى تعزيز التكامل الاقتصادي على المستويين الداخلي والخارجي، مما يسهم في رفع كفاءة السوق العراقية وجذب الاستثمارات.
وأوضح رئيس المجلس، أحمد يونس، خلال المؤتمر الدولي الأول للمنافسة ومنع الاحتكار، أن هذا الاجتماع الذي يتزامن مع اليوم العالمي للمنافسة يعكس التزاماً وطنياً بدعم المنافسة العادلة ومكافحة الممارسات الاحتكارية، مما يسهم في بناء اقتصاد وطني قوي ومتوازن. وأشار إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يمثل نقطة تحول نحو تعزيز دور مجلس المنافسة في تحقيق اقتصاد وطني مزدهر ومستدام يعزز العدالة الاقتصادية.
وأشار إلى أن تحول العراق إلى اقتصاد السوق الحر يمثل تحدياً وفرصة في الوقت نفسه، حيث يتطلب ذلك وضع سياسات فعالة تضمن استقرار السوق وتوفير القواعد والأطر اللازمة لحماية حقوق جميع الأطراف الاقتصادية. وأكد على أهمية وجود رقابة فعالة على الأسواق، حيث ترتبط كفاءة عمل الأسواق بكفاءة الرقابة عليها. ولهذا السبب، تم تفعيل مجلس المنافسة ومنع الاحتكار كأحد المحاور الأساسية للبرنامج الحكومي، لضمان تنظيم السوق على أسس من الشفافية والنزاهة.
وأفاد بأن المجلس تم تفعيله في مارس 2023، وتم تسمية أعضاء مجلس الإدارة في يونيو، وبدأ العمل على وضع خارطة طريق طموحة تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة وتنسجم مع أولويات البرنامج الحكومي لتحقيق الإصلاح الاقتصادي.
وأكد بأن خارطة الطريق تبدأ بالاطلاع على تجارب الدول ذات الخبرة الطويلة في هذا المجال، وإعداد النظام الداخلي واللائحة التنفيذية لقانون المنافسة، وإرسالها إلى مجلس الدولة. كما تم إطلاق خطة تدريب سنوية تهدف إلى بناء قدرات الكوادر داخلياً وخارجياً، بالإضافة إلى وضع خطة إعلامية عامة تشمل تنظيم ندوات وورش عمل ومخاطبات محلية مع القطاعات المختلفة (الحكومي والخاص) لنشر ثقافة المنافسة وتوعية المجتمع والقطاعات الاقتصادية بمفاهيم القانون وأهدافه. وقد تم استقطاب عدد من الكوادر والخبراء والاستشاريين في كافة القطاعات الاقتصادية العاملة بالسوق، بالإضافة إلى التواصل مع الجهات الحكومية والخاصة وإبرام مذكرات تعاون مشترك تسمح بتبادل المعلومات والخبرات لدعم تنفيذ القانون.
كما بدأ المجلس بإنشاء قاعدة بيانات شاملة لجميع القطاعات وإعداد أدلة استرشادية بالتعاون مع الجهات القطاعية. ورغم حداثة تأسيسه، تمكن المجلس من تنفيذ المحاور الخمسة التي التزم بها ضمن البرنامج الحكومي، مما جعله ضمن الجهات الأولى في تصنيف الإنجاز.
وعلى الصعيد الدولي، أكد يونس أن المجلس حقق إنجازات متميزة، حيث تم انتخابه لرئاسة مجموعة الكفاءة المؤسسية ضمن شبكة المنافسة العربية التابعة لجامعة الدول العربية في اجتماعات الشبكة الثالثة بالرياض في عام 2024. كما تم استكمال كافة متطلبات الانضمام إلى شبكة المنافسة الدولية، فضلاً عن استحصال موافقة رئيس مجلس الوزراء على إقامة منتدى المنافسة العربي السادس في بغداد في مايو 2025، وهو تجمع دولي يبرز مكانة العراق كمركز اقتصادي محوري في المنطقة ويضم خبراء ومختصين في المجال الاقتصادي من كافة دول العالم.
كما تم تجهيز مذكرات تفاهم مع سلطات المنافسة في الدول العربية، والمشاركة في الفعاليات الدولية الخاصة بالمنافسة. ويعد قانون المنافسة ومنع الاحتكار رقم 14 لسنة 2010 الإطار القانوني لضمان بيئة اقتصادية شفافة ومستقرة، حيث يسهم في إرساء وتطبيق قواعد المنافسة الحرة والتوعية بها للنهوض بمستوى أداء الأسواق وتطوير البيئة الاقتصادية بما يعود بالنفع على الاقتصاد القومي والمستهلك. وأشار إلى أن مخرجات تطبيق القانون تؤدي إلى خفض التركز الاقتصادي وتعزيز الابتكار وتنوع وتوفر السلع والخدمات وزيادة الكفاءة الإنتاجية وتحسين جودة المنتج والخدمة وتخفيض الأسعار، مما ينعش السوق.
وأوضح بأن دراسات التوزيع الجغرافي للنشاطات التجارية تسهم في خلق فرص عمل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تعد إحدى قاطرات الاقتصاد المهمة، مما يخلق فرصاً جديدة للنمو والابتكار وخفض البطالة. كما تسهم هذه الدراسات في المحافظة على المال العام من خلال منع التواطؤ في العطاءات أو العروض في المناقصات والمزايدات، وتوفير بيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات من خلال إصدار التشريعات واللوائح والحد من الشروط التمييزية في اتخاذ قرارات تؤثر في المنافسة، وخلق أجواء إيجابية للتكامل والاندماج الاقتصادي مع دول العالم.
وشدد يونس أن المجلس يسعى ليكون نموذجاً في تعزيز العدالة الاقتصادية والتنمية المستدامة، كما يطمح إلى أن يكون بوابة للتكامل الاقتصادي داخلياً وخارجياً، مما يرفع من كفاءة السوق العراقية ويسهم في جذب الاستثمارات. وقد تغلب المجلس على تحديات عدة بفضل دعم رئيس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومن خلال التعاون المثمر مع المؤسسات الحكومية والخاصة وتعزيز دوره كجهة رقابية أساسية تسهم في تنظيم السوق.