اختتام فعاليات مؤتمر “المرأة في الإسلام” بعد مداولات مكثفة

اختتام فعاليات مؤتمر “المرأة في الإسلام” بعد مداولات مكثفة

في مدينة جدة، اختتم مؤتمرٌ دوليٌّ هامٌّ أعماله، مؤكداً على مكانة المرأة وتمكينها في العالم الإسلامي. نظّم هذا المؤتمر، الذي استمرّ ثلاثة أيام، منظمة التعاون الإسلامي، وشهد مشاركة واسعة من وزراء، ومسؤولين، وعلماء، ومفكرين، ناقشوا خلال خمس جلسات عملٍ مكثفةٍ مجموعةً من القضايا الحيوية المتعلقة بحقوق المرأة ومساهمتها في المجتمع.

خلال الجلسة الختامية، أعربت هلا بنت مزيد التويجري، رئيسة هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية ورئيسة وفد المملكة، عن خالص شكرها وامتنانها لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود على رعايته الكريمة للمؤتمر. كما توجّهت بالشكر لولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز على دعمه ورؤيته الطموحة ضمن رؤية المملكة 2030، التي ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تمكين المرأة السعودية وتعزيز دورها في مختلف القطاعات. وأشادت التويجري بـ”وثيقة جدة”، مؤكدةً على أهميتها كخارطة طريقٍ واضحةٍ لتحقيق إصلاحاتٍ تشريعيةٍ ومبادراتٍ تنفيذيةٍ تسهم في معالجة التحديات التي تواجه المرأة في المجتمعات الإسلامية، وتعزيز دورها الفاعل في بناء مستقبلٍ أفضل.

كما أشادت رئيسة وفد جمهورية موريتانيا الإسلامية، العالية سيدي يعرف، بما أظهره المؤتمر من حقوقٍ وواجباتٍ توفرها الشريعة الإسلامية للمرأة، مؤكدةً على أن “وثيقة جدة” ستُعطي زخماً جديداً لجهود تمكين المرأة. وقد عبّرت عن تقديرها للمملكة العربية السعودية على حسن الضيافة والجهود المبذولة لإنجاح المؤتمر.

وفي السياق نفسه، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، على أن قضايا تمكين المرأة ستبقى ضمن أولويات المنظمة، وأنها ستواصل العمل على إطلاق مبادراتٍ جديدةٍ لتحسين أوضاع النساء في المجتمعات المسلمة. وقد شدد على أهمية التعاون الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تشمل تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.


ألقى السفير يوسف الضبيعي، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية بمنظمة التعاون الإسلامي، البيان الختامي للمؤتمر، معبراً فيه عن أسمى آيات الشكر والعرفان للمملكة العربية السعودية، ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، على كرم الضيافة وحسن الاستضافة، وعلى رعايتهم الكريمة لهذا المؤتمر الهام.

وقد أشاد المشاركون في المؤتمر بالمناقشات المثمرة والغنية التي أبرزت بوضوح المكانة المتميزة للمرأة المسلمة في الإسلام، تأصيلاً وتطبيقاً، وساهمت في تصحيح المفاهيم المغلوطة حول حقوقها ومكانتها، وردّت على الادعاءات الزائفة التي تحاول تشويه صورة الإسلام وتقليل شأن المرأة المسلمة.

وأكد المشاركون على أهمية نشر الوعي المجتمعي بحقوق المرأة، وكفالة حصولها على كامل حقوقها في التعليم والعمل، وتوفير الحماية الكاملة لها من الممارسات والظروف التي تنتهك كرامتها، وتعزيز مشاركتها الفعالة في صنع القرار على كافة المستويات.

كما شدد المشاركون على ضرورة سنّ تشريعات وقوانين رادعة للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة، ودعوا إلى تنظيم المزيد من الندوات والمؤتمرات والبحوث العلمية التي تُبرز مكانة المرأة المسلمة، وتُوضح حقوقها وواجباتها في ضوء تعاليم الإسلام السمحة.

وأشار البيان الختامي إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز ركائز الأسرة، وترسيخ مبدأ الاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضدها. كما دعا المشاركون إلى إزالة جميع العقبات التي تحول دون تمكين البنين والبنات من التعليم، وضمان المساواة بين الجنسين في الحصول على التعليم والرعاية الصحية.

ولفت المشاركون إلى أهمية إدراج مكانة المرأة في الإسلام، وحقوقها الشرعية، في مناهج التعليم على مختلف مراحلها، مع التركيز على بيان الأحكام الإسلامية التي تُكفل حقوقها وتُعزز مكانتها.

ودعا المشاركون إلى مضاعفة الجهود على الصعيدين الوطني والإقليمي، من خلال منظمة التعاون الإسلامي، لتذليل الصعوبات والتحديات التي تواجه مشاركة المرأة ودورها الفعال في المجتمع، ومعالجة أوجه التفاوت بين الجنسين في مختلف القطاعات، لا سيما في المجالات الاقتصادية وريادة الأعمال، وخلق بيئة عمل عادلة تضمن للمرأة فرصاً متكافئة، وتُمكنها من الوصول إلى الموارد الاقتصادية، والتكنولوجيا، والتدريب المهني، وأسواق العمل، بهدف النهوض بالمرأة والفتاة وتمكينهنّ.

كما طالب المشاركون ببذل المزيد من الجهود للقضاء على الفقر الذي يُعاني منه العديد من النساء في الدول الأعضاء، وحماية البيئة لضمان وصول جميع النساء، بما في ذلك نساء الريف، إلى الموارد الإنتاجية والخدمات العامة.

وحثّ المشاركون على تعزيز التعاون والتنسيق بين منظمة التعاون الإسلامي ودولها الأعضاء، ومؤسساتها ذات الصلة، لمتابعة وتنفيذ خطة منظمة التعاون الإسلامي للنهوض بالمرأة (اباو)، وعقد مؤتمرات وندوات دورية لمتابعة التقدم المحرز في هذا المجال، وتنفيذ توصيات منظمة تنمية المرأة، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو).

وأكد المشاركون على أهمية سنّ القوانين التي تُضمن مشاركة المرأة الفعالة في إدارة الشؤون العامة، وتُمكنها من المشاركة في وضع السياسات والبرامج الإنمائية، والتفاعل مع المجتمع الدولي، وتمثيل بلدانها في المحافل الدولية.

ودعوا إلى تعزيز دور المرأة في الوساطة لحل النزاعات، وبناء السلام والاستقرار، وتشجيع إنشاء مؤسسات أهلية تُعنى بالمرأة، لتعريفها بدورها في المجتمع، وإثراء معرفتها، وتطوير قدراتها الفكرية والثقافية.

كما حثّ المشاركون وسائل الإعلام على تعزيز الوعي بمكانة المرأة وحقوقها في الإسلام.

وأخيراً، أكد المشاركون على أهمية دعم وتمكين المرأة الفلسطينية، وتعزيز صمودها، وتقديم كافة أشكال الدعم لها، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي مخيمات اللاجئين، ومواءمة التشريعات والسياسات بما يُسهم في النهوض بها وحماية حقوقها، وتوفير كل أشكال الدعم المادي والمعنوي والرعاية الاجتماعية لها، كونها الفئة الأكثر تضرراً من العدوان الإسرائيلي، ومناصرة الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل إنهاء الاحتلال، واستعادة حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة، وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
اختتم المشاركون أعمال المؤتمر بتوجيه رسالة شكر وتقدير خالصة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، ولحكومة المملكة العربية السعودية على ما لقوه من رعاية كريمة وكرم ضيافة سخي، وعلى توفير كافة التسهيلات التي ساهمت في نجاح المؤتمر. وقد عبروا عن امتنانهم العميق للجهود المبذولة في سبيل إنجاح هذا الحدث الهام.

إغلاق