سوق الحويش: كنزٌ ثقافيٌّ في قلب النجف
يُعدّ سوق الحويش في النجف الأشرف معلماً تراثياً بارزاً، ونافذةً ثقافيةً تُطلّ على المدينة القديمة، مُغدقاً على زائريه ثراءً معرفياً من خلال تشكيلة واسعة من الكتب. يحمل هذا السوق إرثاً ثقافياً عريقاً يمتدّ لأكثر من سبعة قرون، إلا أنّه يعاني اليوم من الإهمال، وتراجع أعداد زواره مع سيطرة التكنولوجيا على جوانب الحياة المختلفة.
في جولةٍ بين أروقة السوق العتيقة، حيث تختلط رائحة الكتب القديمة المُتربة بعبق التاريخ، التقينا بحيدر الموسوي، أحد روّاد السوق، الذي أرجع تراجع أعداد المثقفين إلى تفضيل الجيل الجديد للكتب الإلكترونية المتاحة على الإنترنت، مُشيراً إلى فقدان متعة القراءة الورقية. لكنه أكّد في الوقت نفسه على تمسّك الجيل القديم وأصحاب المكتبات بالحفاظ على سوق الحويش ومنعه من الاندثار، رغم التحديات الكبيرة.
يتميز سوق الحويش بتنوعٍ مذهل في محتوياته الكتابية. يُشير الدكتور هشام السياب، الأستاذ الجامعي في جامعة الكوفة، إلى أنّ زائري السوق سيفاجأون بتنوع الكتب المتوفرة فيه، ففي قلب عاصمة التشيع، وبجوار الحوزة العلمية، يجد المرء جميع التيارات الفكرية ممثلةً: ماركسية، سلفية، علمية، سياسية، وتاريخية، مُشدّداً على أنّ السوق لا يُروّج لفكرٍ أو اتجاهٍ مُحدّد.
يُعتبر سوق الحويش، كما يُشير الحاج محمد جبرين، أحد أصحاب المكتبات في السوق والذي تجاوز عمره السبعين عاماً، مكاناً تراثياً قديماً يحمل اسم “البيت الصغير”. وقد استقطب على مرّ السنين شخصياتٍ عراقيةً بارزةً وسياحاً أجانب، من بينهم محمد مهدي الجواهري، وأحمد الصافي النجفي، ومحمد سعيد الحبوبي، وغيرهم الكثير، مما يُضفي عليه قيمةً ثقافيةً كبيرة.